رياضة النينجيتسو.. فن قتالي للنينجا اليابانيين القدماء يدخل مصر

لاعبون يتشحون بالأسود، بينما لا يصدرون الكثير من الصيحات كما يفعل ممارسو الفنون القتالية الأخرى، لينهوا مبارياتهم في صمت يدل على طبيعة تلك الرياضة المعروفة بـ"النينجيتسو"، التي قام بها النينجا اليابانيون منذ قرون؛ لتنفيذ مهمات استخباراتية وعمليات خاصة خلف خطوط العدو، وبينما ينهي اللاعبون مبارياتهم بإحدى صالات القتال في القاهرة، بالتحية، كانت معارك النينجا القدامي تنتهي بمقتل أحد الخصمين.


يقول حسن عبدالحميد، مدرب نينجيتسو بالفرع المصري لمنظمة "بوجنكان" اليابانية، في حديثه لـ"الشروق"، إن النينجا اليابانيين كانوا عناصر استخباراتية في المقام الأول، بينما كانت أساليب القتال الخاصة بهم "دفاعية عن النفس"؛ للنجاة حال اكتشافهم.


وأضاف أنه نظرا لاستغناء الجيوش في وسائل الحرب والتجسس الحديثة عن تقنيات النينجيتسو التي كانت سرية حتى أيام ذروتها، تراجع انتشار ذلك الأسلوب؛ ليكون مساكا هاتسومي مؤسس البوجينكان، آخر أفراد النينجا من عشائر إيغا.


يذكر أن فترة ما بين القرن الـ13 والـ16 شهدت فوضى عارمة ونزاعات دامية بين الإقطاعيين الساموراي في اليابان، والذين لم يتقنوا سوى الحروب المباشرة، تبعا للقسم الذي يلتزمون به؛ لذلك ظهرت الحاجة للاستعانة بعدد من المقاتلين غير الملتزمين بتلك التقاليد، والذين حملوا اسم "شينوبي" أو "نينجا"، وتختلف الروايات حول أصولهم الاجتماعية إن كانوا يتحدرون عن كهنة منفيين من الصين، أو ساموراي مخالفين للأعراف، لكن المشترك أنهم "مجتمعات من المزارعين القاطنين مناطق معزولة بالجبال" مقسمة على مقاطعتي إيغا وكوغا.


وتعرضت مقاطعة كوغا الخاصة بالنينجا، التي تنتمي إليها مدرسة بوجنكان القائم أحد أفرعها بمصر، لهجوم كاسح من أحد أمراء الساموراي، انتهت بعملية إبادة جماعية للنينجا، تراجع ظهور النينجا بعدها بالتاريخ الياباني، عدا عملهم ببعض أعمال الحراسة للقلاع، بينما كان استقرار الأوضاع وحلول السلام بين الإقطاعيين في القرن الـ17 سببا في انخفاض الطلب على أعمال النينجا.


وأشار حسن إلى أن فن النينجيتسو هو أسلوب حياة لا يقتصر على الفن القتالي، إذ يضم علوم الاستدلال بالنجوم، والترياق والسموم، والمتفجرات، التي ينحصر استخدامها في العصر الحالي على قنابل دخانية غير مسببة للتدمير.


وأوضح أن أساليب قتال النينجا تمتاز عن غيرها من الرياضات القتالية بكونها تنتسب للفنون الواقعية غير النزالية المعتمدة على إحراز النقاط، متابعا أن فن النينجيتسو يحوي بجانب الأسلوب القتالي، أسلوبا في التسلل نشأت عنه رياضة الباركور المعاصرة؛ لذلك تنقسم تدريبات اللاعبين بالمدرسة بين تعلم القتال وحركات التسلق.


وعن دخول اللعبة لمصر، قال إن أول ممارسة فعلية للنينجيتسو بشكله المنظم في مصر كانت عام 2010 على يد ممارس النينجيتسو التشيكي فليب بارتوش، والمنتمي لمدرسة البوجنكان التي يتبعها 300 ألف ممارس نينجيتسو حول العالم.


ويقول يوسف، أحد ممارسي النينجيتسو، إنه أحب في ذلك الفن ما يحمله من شمولية في حركاته القتالية التي تناسب أي ظرف، مضيفا أنه يرفع من مهارات اللاعب، خاصة ما يتعلق بتوقع الخطر التي يتميز بها النينجيتسو، وتزيد من حساسية المقاتل لكشف أي خطر محدق به، وإن لم يكن مرئيا بشكل مباشر.


وتابع أن ممارسة الفن القتالي تزيد من الثقة بالنفس، وتساعد على التخلص من الشعور السلبي، كما تزيد الميل للفكر العقلاني حين التعرض لمواقف صعبة والحد من الفكر العنيف.


وأضاف هشام محمود، أحد ممارسي النينجيتسو، أنه أحب الفن من الأفلام وألعاب الفيديو التي تناولته كثيرا، إلا أنه حين بدأ ممارسته، تبين له الفرق بين ما يتسم به النينجيتسو من واقعية في القتال وبين الصورة المبالغة الخيالية عنه، حيث يسأله المحيطون به عن "قدرته على الطيران كما يفعل مقاتلو النينجا في الأفلام".


وعن طبيعة ترتيب الأحزمة لمقاتل النينجا، يقول يوسف إنها تنقسم بين الأخضر وبه 9 مستويات تسمي بالكيو، بينما يليه الحزام الأسود بـ15 مستوى من الدان.


ويقول حسن إن النينجيتسو من الفنون التي تعطي المرأة طبيعتها الخاصة، إذ يطلق على المقاتلات "كينوتشي"، وتختلف ألوان أحزمتها بمستويات الكيو؛ لتتخذ اللون الأحمر بدلا عن الأخضر، وتتشابه ألوان الأحزمة بين الجنسين في مستويات الدان.


وعن نظام المدرسة، يوضح حسن عدم وجود بطولات للنينجيتسو، إذ إنها ليست لعبة نزالية قائمة على إحراز النقاط، وأما عن ترتيب الأحزمة، فما يحسمه اختبار كتابي يمتحن المقاتلين في معلوماتهم ومتابعتهم للمنهج الدراسي الخاص بالمنظمة.


وعن الأسلحة المستخدمة لمقاتلي النينجا، يوضح هشام أن أغلبها غير مثيرة للشك مرتبطة بأدوات المزارعين مثل الكوناي، وتشبه سكين للزراعة، بجانب سيف النينجا، وهو قصير، وسيف الشكوري وهو منشاري يستخدم لتقطيع الأسيجة خلال التسلل.