باحث بريطاني: ينبغي على الاتحاد الأوروبي دعم تحسن العلاقات بين تركيا واليونان

خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لليونان الشهر الماضي، أشاد بعهد جديد من الصداقة مع أثينا.


وتحدث عن تحويل بحر إيجه إلى بحر سلام. وبالمثل كان رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس فياضا في ترحيبه بأردوغان، مؤكدا على المسؤولية التاريخية المشتركة للدولتين بالنسبة لتحسين العلاقات.


ويقول جالب دالاي، الباحث البريطاني المتخصص في السياسات التركية والشؤون الشرق أوسطية والزميل الاستشاري في معهد تشاتام هاوس (المعهد الملكي للشؤون الدولية) البريطاني، في تقرير نشره المعهد إن هذه الطريقة في الحديث بين أردوغان وميتسوتاكيس قد تبدو للمراقبين البعيدين مجرد مجاملات دبلوماسية. ومع ذلك، فإن ما تضمنته أمر مهم: فمنذ سنوات قليلة فقط كانت الدولتان تتبادلان التهديدات باستمرار، وكان يُرى أنه من الممكن أندلاع صراع بينهما.


وفي حقيقة الأمر، يعتبر أي تحسن في العلاقات اليونانية التركية أمرا يستحق الترحيب على المستوى الثنائي، ولكنه أيضا أمر إيجابي بالنسبة لأمن منطقة شرق البحر المتوسط، التي تشهد الآن الحرب بين حماس وإسرائيل، والصراعات التي لا زالت بدون حل في سوريا وليبيا، وأزمة متجمدة في قبرص.


وهناك تحديات كبيرة لأي تحسن طويل المدى في العلاقات بين اليونان وتركيا، المثقلة بقضايا شائكة، ولكن يتعين على الاتحاد الأوروبي بذل كل ما في وسعه لدعم هذا التحسن.


كما ينبغي على الاتحاد الأوروبي البناء على هذا التحسن من خلال تدشين حوار للأمن والسياسة الخارجية مع تركيا، لتدعيم الأمن الأوروبي وتحسين التعاون مع دولة مهمة جيوسياسيا وأحد أعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو).


ويرى دالاي أن هناك حاجة لأن تظل التوقعات بالنسبة لتحسن العلاقات بين اليونان وتركيا متواضعة. إذ أن هذه العلاقات تتسم بمجموعة متشابكة من الخلافات مصحوبة بتصوارات الدولتين لسيادتهما حيث سيكون أي حل وسط صعبا وخطرا سياسيا.


فالدولتان مختلفتان بشان مناطقهما الاقتصادية الخاصة (الحدود البحرية) في شرق البحر المتوسط، وطول المياه الإقليمية اليونانية في بحر إيجه، (حيث تنازع تركيا أيضا بالنسبة لبعض الجزر الصغيرة والكبيرة)، كما أن أزمة قبرص القائمة منذ وقت طويل تتسبب في انقسام شديد بينهما.


وأحد سمات التحسن الحالي هو أنه يركز على العلاقات الثنائية بين اليونان وتركيا وليس على العلاقة الثلاثية بين اليونان وتركيا وقبرص.


فوجهات نظر أنقرة وأثينا بالنسبة للاطار الذي ينبغي من خلاله التعامل مع قضية قبرص تختلف فيما بينهما: فتركيا تتجه نحو حل الدولتين، بينما تصمم أثينا ونيقوسيا على الإطار الفيدرالي.


واتخذت هذه الاختلافات في السابق شكل الصراعات المجمدة، لكن التطوارت عبر العقد الماضي حولتها إلى أزمات نشطة.


وعلى المستوى الإقليمي، أدت اكتشافات إسرائيل للغاز (عام 2010)، وقبرص (عام 2011) ومصر (عام 2015) إلى تشجيع تركبا على إرسال سفن تنقيب إلى شرق البحر المتوسط، مما حول الخلافات حول الحدود البحرية إلى نزاع نشط في العلاقات التركية اليونانية.


وهناك أمران فاقما الأزمة بين اليونان وتركيا: وهما تصور خفض التواجد الأمريكي في المنطقة، واختفاء إطار الاتحاد الأوروبي الخاص بالعلاقات بين تركيا واليونان. وقد أدى هذان الأمران إلى زيادة التنافس الإقليمي واضطراب العلاقات.


وقال دالاي إنه رغم الاحتمالات المحدودة لإحراز تقدم بشأن مجموعة الأزمات الكامنة، يعتبر أي تحسن في العلاقات بين اليونان وتركيا أمرا مهما للغاية ويستحق الدعم الكامل من جانب الاتحاد الأوروبي، على الأقل لتعزيز أمنه هو نفسه.


فتركيا ذات دور محوري في كل المناطق الرئيسية للجوار الأوروبي: في أوكرانيا والبحر الأسود، وشرق البحر المتوسط، والشرق الأوسط والبلقان، وجنوب القوقاز- ولا يمكن تجاهل ذلك.


واليونان وفرنسا، من أعضاء الاتحاد الأوروبي، وتركيا مرشحة رسميا لعضوية الاتحاد الأوروبي. والدول الثلاث أعضاء في الناتو. ومن المحتم أن تؤثر التوترات بينها على التماسك الداخلي للناتو، كما تؤثر سلبا على الأمن الأوروبي على نطاق أوسع.


وأكد دالاي على أن إدارة الخلافات بين تركيا واليونان على نحو أفضل أمر مهم لوضع الأساس لمزيد من التعاون، بدلا من التنافس، ولمنع حدوث انقسام وتوترات داخل الحلف.


والقيام بجهد للاستفادة من التقارب بين اليونان وتركيا ومعالجة أزمة شرق البحر المتوسط يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على الشكل المستقبلي لعلاقات تركيا الأوسع نطاقا مع الغرب.