يقصفون غزة ويسرقون كوكب الشرق.. إسرائيل تسطو على أم كلثوم


بينما آلة الحرب الإسرائيلية تدور بلا توقف ملقية بالقنابل والصواريخ على كل البشر والحجر فى غزة، مما أسفر عن استشهاد الآلاف، وتشريد وإصابة عشرات الآلاف من الاخوة الفلسطينيين، تقوم دولة الاحتلال بالسطو على حياة سيدة الغناء العربى أم كلثوم، وتقدمها فى عمل مسرحى غنائى بالتزامن مع تلك الانتهاكات والمجازر التى ترتكب بشكل يومى منذ أكثر من شهرين ونصف الشهر تقريبا.

هذا العمل الذى اثار غضب العرب من رواد السوشيال ميديا، بسبب بما تفعله دولة الاحتلال طوال تاريخها مع العرب، لذلك كيف لهم ان يقدموا شخصية أم كلثوم مطربة العرب الأولى عبر التاريخ؟!!

أم كلثوم ساندت المقاومة الفلسطينية فى عصور كثيرة، وحتى رحيلها، كما أنها غنت فى فلسطين قبل احتلالها، وأطلق عليها كوكب الشرق خلال إحدى زيارتها لفلسطين، عندما غنت فى مسرح كان يحمل اسم «كوكب الشرق». وبالتالى أم كلثوم تعد من الذين ناضلوا ضد الكيان الصهيونى، سواء من أجل وطنها مصر، أو من أجل نصرة القضايا العربية.

الوكالة الفرنسية وصفت العرض، الذى يقدم حاليا، على مسرح يافا، وتجسد فيه مغنية يهودية شخصية صورة نقيضة للمشهد الراهن، اكتسبت دلالات جديدة مع معاودة عروضها بعد توقف مؤقت بسبب الحرب على غزة.

يبدأ العرض بوقوف عازف العود علاء أبو عمارة على الخشبة وسط ديكور مسكن أم كلثوم (1898ــ1975)، محاطا بمجموعة من شخصيات المسرحية التى تتولى فيها الممثلة جاليت جيات دور ام كلثوم، عبر رحلة تقدم فيها المحطات الرئيسية فى حياة «سيدة الغناء العربى»، واللقاءات التى حددت اتجاه مسيرتها الفنية وأغنياتها، وتؤدى أغنيات أم كلثوم الطويلة بالعربية، فى حين تدور الحوارات بين الممثلين بالعبرية، وتتوالى المشاهد على الخشبة، ومنها مثلا شجارات النجمة بنظارتيها السوداوتين وفساتينها الفخمة، مع والدتها التى تؤدى دورها خولة حاج دبسى، فيما يؤدى الممثل جورج اسكندر دور المطرب والموسيقار محمد عبدالوهاب.

وعلى مقاعد المسرح العربى العبرى فى منطقة يافا المختلطة فى تل أبيب، يجلس جمهور متنوع الأعمار، يتفاعل مع العمل بالضحك حينا، وبالتأثر حينا آخر، ويردد الأكبر سنا من أفراده كلمات أغنيات أم كلثوم بالعربية ممتزجة بالحنين، حسب وصف الوكالة الفرنسية.

تحدث منتج العمل إيجال عزراتى بقدر كبير من البجاحة، مؤكدا أن «ثلاثة يهود وثلاثة عرب يتحدثون العبرية ويغنون باللغة العربية» يشاركون فى المسرحية، العمل يحاول أن يظهر «أن العربية ليست لغة حركة حماس، بل هى لغة جميلة جدا، وثقافة جميلة، وهى بالنسبة لمعظم الإسرائيليين، لغة آبائهم وطفولتهم».

وترى المغنية جاليت جيات التى تنحدر من عائلة ذات أصول جزائرية ويمنية، أن هذه المسرحية بمثابة «نفحة أكسجين» للفنانين والجمهور.

وتضيف: «أم كلثوم هى بالنسبة لى مرادف لبيتنا. أتذكر أنى كنت فى طفولتى أستمع إلى الموسيقى المصرية الكلاسيكية فى منزل جدى وكنت اسأل نفسى فى كل مرة، لماذا لا تجيدين التحدث بالعربية».

واليوم، بعد سنوات، تتولى الفنانة الإسرائيلية بنفسها غناء النصوص التى كانت تستمع إليها. وتصف دور أم كلثوم الذى تؤديه بأنه «هدية جميلة جدا من الحياة. نحن نمثل معا، مسيحيين ومسلمين ويهودا، ونعيش معا، ومعا يحب بعضنا بعضا، ويكره بعضنا بعضا».

** «محكوم عليهم بالصمت» فى المقابل لم يشأ أى من الفنانين الثلاثة من عرب إسرائيل الإدلاء بأى تصريحات لأى من وكالات الانباء.

وعلق على هذا الامر بشكل به نوع الاستفزاز «إيجال عزراتى» أن «الأمر صعب بالنسبة للفلسطينيين، فهم جميعا ولدوا هنا، وبمجرد أن يفتحوا أفواههم يشعرون وكأنهم يرتكبون سوءا.. محكوم عليه بالتزام الصمت»، إلى حد أنهم «يخافون من التحدث باللغة العربية».

ويشير عزراتى الذى يتولى إدارة مسرح يافا منذ 20 عاما إلى أن «البعض نشروا على شبكات التواصل الاجتماعى تعليقات فى شأن الضحايا وفى شأن الحرب، وجاء الجيش، وأوقف البعض».

وتعرض مسرحية عزراتى مرتين فى الشهر، وهو يطمح إلى أن تتواصل وتبقى على الخشبة سنة عاشرة.

ويختتم العرض بمشاهد من جنازة أم كلثوم. ومع أن القاهرة هى التى شهدت مدا بشريا من المشيعين رافق نعش المطربة الكبيرة، امتد بحر الدموع عليها من بغداد إلى الدار البيضاء، مرورا بفلسطين.

الغريب فى الامر ان هذا العرض ليس الاول ولن يكون الاخير على ما يبدو، ففى يوليو من العام الماضى، عرض مركز «البيت الصهيونى الأمريكى» فى إسرائيل مسرحية موسيقية حول قصة حياة أم كلثوم ومراحل ظهورها، منذ الإنشاد حتى أصبحت أشهر مطربة فى الشرق الأوسط.

وكتب المركز الإسرائيلى عن المسرحية: «عرض موسيقى جديد وشامل عن أشهر وأعظم مطربة على مر العصور (أم كلثوم)، والتى تروى قصة حياتها الرائعة والمضطربة».

وأضاف، فى إطار إعلانه عن المسرحية: «ابنة إبراهيم البلتاجى، التى لقبت بـ(كوكب الشرق)، كانت ولا تزال أشهر مطربة عظيمة فى كل العصور، فهى أم كلثوم».

وأشارت إلى أن قصة أم كلثوم تمر بصراع شخصى من أجل حق الغناء أمام المجتمع، حتى مواقفها وشهرتها العالمية.

وأعلن المركز الإسرائيلى وقتها أن عرض مسرحية عن قصة حياة أم كلثوم، فى قاعة «ميرهوف»، ويستغرق عرضه ساعة ونصف الساعة.

وتقوم ببطولته المطربة الإسرائيلية «ديكلا»، وغنت خلالها أغنية «إنت عمرى»، فيما ضم فريق المسرحية خمسة ممثلين آخرين، بالإضافة إلى أوركسترا مكونة من 12 موسيقيا.

وبلغ سعر تذكرة الحفل 155 شيكلا، أى ما يعادل 845 جنيها مصريا.

وقتها قال جادى تسيداكا، مخرج المسرحية ومدير المسرح الشمالى فى إسرائيل: «المسرحية مستوحاة من قصة حياة كوكب الشرق، واخترت ديكلا بعد أن قررت أن أكتب مسرحية غنائية عن واحدة من أكثر النساء تأثيرا فى العالم».

من جانبها، قالت ديكلا، فى تصريحات سابقة وقت تجهيزها للمسرحية: «أم كلثوم هى بطلة الطفولة والموسيقى التصويرية لحياتى، ومنذ بداية مسيرتى فى الغناء أؤدى بانتظام أغنيتها الشهيرة (إنت عمرى)».

وأضافت: «جعلتنا نؤمن فى الحب، والألم، والشوق، والكراهية، والحرية، وقد جعلتنا نعتقد أن هذه هى الطريقة التى يجب أن يغنى بها المغنى وهى أن تتناغم العاطفة الحقيقية مع الموسيقى».