مفاجأة سباق الأوسكار.. في ظل بيروت فيلم ناطق بالعربية يمثل إيرلندا وتنتجه هيلاري وتشيلسي كلينتون


فى مفاجأة غير متوقعة اختارت الأكاديمية الأيرلندية للسينما والتلفزيون الفيلم الوثائقى الطويل الناطق باللغة العربية «فى ظل بيروت» وتدور أحداثه فى لبنان، وهو من إنتاج وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلارى كلينتون وابنتها تشيلسى كلينتون الابنة الوحيدة للرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون، لتمثيل أيرلندا بالمنافسة على جوائز أوسكار أفضل فيلم روائى طويل دولى.

وقالت الرئيس التنفيذى للأكاديمية الأيرلندية IFTA، آنى موريارتى: «هذا فيلم مهم جدا للتواصل مع الجمهور العالمى، يتم تقديم هذه القصة الخام التى تظهر على الشاشة بأمانة مؤلمة ومفجعة. لقد تم الوثوق بالمخرج ستيفن كيلى ليقربنا بشكل شخصى وإنسانى من حياة هذه العائلات، المليئة بالحب وهم يحاولون العيش والبقاء على قيد الحياة. «فى ظل بيروت» الذى أخرجه ستيفن جيرارد كيلى وجارى كين وتأليف زينة أبوالحسن وإيزولت هوليت، هو صورة سينمائية قاسية للبنان المعاصر، وذلك من خلال عيون أربع عائلات تعيش فى أحياء صبرا وشاتيلا الفقيرة فى المدينة، والتى كانت مسرحا لمذبحة سيئة السمعة فى عام 1982. تم تصويره على مدى أربع سنوات، حيث أمضى مخرجا الفيلم 5 سنوات بين العائلات اللبنانية والفلسطينية التى يسلط عليها الفيلم الضوء داخل مخيم صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين على مشارف العاصمة اللبنانية بيروت، والذى يعيش سكانه ظروفا مادية صعبة.

ينسج الفيلم الوثائقى أربع قصص متوافقة فى صورة مؤلمة لشعب ومدينة على حافة الهاوية، ومع ذلك يتمتعان بصفات لا لبس فيها من الأمل.

يركز العمل على أربع عائلات منفصلة تعيش فى صبرا وشاتيلا فى بيروت، ويظهر أن المدينة التى كانت توصف ذات يوم بأنها «باريس الشرق الأوسط» أصبحت على شفا الانهيار المالى وتعد الطائفية والعنف أسلوب حياة دائم.

حيث نتابع القصص التالية: ربيعة، أم لبنانية مجتهدة تبلغ من العمر 38 عاما ولكنها غير موثقة، لا تستطيع تحمل تكاليف إدخال ابنتها المصابة بمرض مزمن إلى المستشفى، مما يترك حياة طفلتها البريئة معلقة. عبودى هو أب شاب يكافح التخلص من عادة إدمانه للمخدرات بعد فترة قضاها فى السجن، بينما يحاول إيجاد طريق جديد فى الحياة يجعله والدا أفضل لابنه الصغير.

فى هذه الأثناء، يقوم أيمن، وهو أب لخمسة أطفال، بتمهيد الطريق لخطبة ابنته سناء لرجل محلى كوسيلة لحمايتها فى الحى حيث يعمل على توفير الأساسيات الأساسية لعائلته من أجل البقاء.

وأخيرا نتابع أيضا أبو أحمد، الطفل السورى البالغ من العمر ثمانى سنوات، فر من داعش، الذى يقوم بالأشغال الشاقة فى شوارع شاتيلا من أجل إعالة أسرته، بينما يقيم صداقة غير متوقعة مع أحد قدامى المحاربين فى الحرب الأهلية وصاحب كشك فواكه.

ينسج «فى ظل بيروت» هذه القصص الأربع فى صورة مؤلمة لشعب ومدينة يكافحان من أجل البقاء وسط بعض من أصعب الظروف المعيشية التى يمكن تخيلها، وفى هذه الحالة، فإن الضعفاء هم الذين يعانون أكثر من غيرهم.

من خلال رواية القصص السينمائية والحميمية التى تحركها الشخصيات، فإن الواقع الصارخ لحياة أبطال الفيلم يرمز إلى مئات الآلاف الآخرين الذين يقاتلون من أجل البقاء. يبدأ الفيلم الوثائقى بتقارير إخبارية عن انفجار وقع فى مرفأ بيروت خلال صيف جائحة كوفيدــ19 فى عام 2020، وهو يندفع من الماء لإظهار آثار ما يبدو عليه المرفأ الآن. لم يكن العمل يدور حول كيفية تعامل سكان بيروت مع آثار الانفجار، على الرغم من أنه يبدو وكأنه رمز، بل هو تتويج للأحداث التى أدت إلى تعرض لبنان لواحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية على مستوى العالم على الإطلاق، وأعلى عدد من اللاجئين فى العالم للفرد ويظهر الناس فى البلاد يحاولون يائسين الفرار.

يشير الفيلم أيضا إلى أنه حتى الانفجار لم يكن له تأثير كبير مثل بقية المجتمعات المحيطة بالميناء، لأنهم كانوا يكافحون ويبقون على قيد الحياة يوميا لبعض الوقت.

ثم نتابع أبو أحمد، الصبى السورى البالغ من العمر ثمانى سنوات الذى هربت عائلته من داعش، وهو الآن يعمل بجد فى شاتيلا لإطعام أسرته، ويعمل لدى صاحب كشك فواكه، ويتحدث كروح عجوز فى أجزاء معينة، قبل ان تكشف والدته أنها لا تستطيع تحمل تكاليف إدخاله إلى المدرسة.

واحدة من أصعب القصص التى يجب متابعتها هى قصة ربيعة، البالغة من العمر ثمانية وثلاثين عاما، والتى تعمل بجد كأم لبنانية غير موثقة، ولا تستطيع تحمل تكاليف إدخال ابنتها الصغيرة المصابة بمرض مزمن إلى المستشفى. نرى الصعوبات التى تواجهها ربيعة فى الاعتناء بابنتها يوميا، لا سيما فى إزالة الضمادات ليلا لوضع ضمادة جديدة عليها، وهو أمر صعب للغاية. فى الكثير من هذه القصص، ستلاحظ التحيز ضد اللاجئين والمواطنين غير المسجلين وأولئك الذين يتم إعادة تأهيلهم فى المجتمع بعد قضاء فترة فى السجن، مثل الأب الشاب عبودى، على الرغم من أنه عندما يخرج ويحاول البقاء وتكوين حياة جديدة افضل ليس له فحسب، بل لابنه الصغير أيضا، فقد وضع النظام بالفعل حواجز لا يمكن كسرها على الرغم من أنه قضى فترة عقوبته.

القصة الأخيرة تدور حول محاولة أيمن، وهو أب لخمسة أطفال، الحفاظ على سلامة ابنته المراهقة فى صبرا، مما أدى إلى عرض رجل محلى عليها الزواج وموافقته على الخطوبة، مما أدى إلى تفسيرات مختلفة لكيفية تعامله مع ابنته سناء لا يمكنك إلا أن تشعر ببعض عدم الارتياح عندما ترى كيف يحدث ذلك.

على مدى أربع سنوات، يلعب المخرجان ستيفن جيرارد كيلى وجارى كين دور الذباب على الحائط، حيث يتتبعان العائلات، ويسلطان الضوء على الواقع الصارخ لحياتهما الذى يشعر به مئات الآلاف غيرهم فى الأحياء الفقيرة فى صبرا وشاتيلا. واصلا التركيز على العائلات حتى يتم سرد قصصهما. تم تصوير الفيلم الوثائقى بشكل جميل. «فى ظل بيروت» هو فيلم وثائقى مهم ومقنع لا يسلط الضوء على الصعوبات التى تواجهها العائلات الأربع فحسب، بل يظهر أيضا الضوء والأمل الذى يمكن العثور عليه، حتى فى ظل عدم اليقين بشأن ما يجب فعله بعد ذلك.

تم عرض «فى ظل بيروت» لأول مرة فى مهرجان Doc Edge بنيوزيلندا حيث فاز بالعديد من الجوائز. كما أن صناع الفيلم هم أنفسهم صناع «غزة» الوثائقى، الحائز جائزة أفضل فيلم وثائقى بمهرجان «ساندانس العالمى عام 2019».