بعد جدل سميحة أيوب والمسرح المدرسي.. متى بدأ الطلاب علاقتهم مع المسرح في المدارس؟

تصدر اسم سيدة المسرح العربي سميحة أيوب التريند منذ أيام؛ بسبب ظهور صورة متداولة على منصات التواصل الاجتماعي لصفحة من إحدى كتب الصف السادس الابتدائي، توجد فيها تحت عنوان: "شخصيات مصرية مؤثر"، صورة للفنانة سميحة أيوب مرفق معها مجموعة من المعلومات في نقاط ملخصة وموجزة عن مشوارها الفني، كان من بينها تاريخ ميلادها ودراستها، وذكر أسماء من أعمالها الفنية بشكل موجز.


وأثار هذا الموضوع، كثيرا من الجدل على منصات التواصل والذي انقسم إلى أكثر من محور، الأول عن سبب ووجود سميحة أيوب في كتاب اللغة العربية، وهذه المعلومة صححتها وزارة التربية والتعليم؛ لأن هذا المحتوى ورد ضمن محتويات كتاب المهارات والأنشطة.


وصرح شادي زلطة المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بأن إلقاء الضوء على تاريخ الفنانة القديرة سميحة أيوب كشخصية مصرية مؤثرة، يأتي ضمن تعريف الطلاب بأبرز الشخصيات المؤثرة في مجال المسرح بكتاب المهارات والأنشطة للصف السادس الابتدائي.


وأضاف "زلطة"، أن الهدف الأساسي هو تنمية ثقافة الطلاب وتعريفهم بالشخصيات المؤثرة في بعض المجالات المختلفة والتي تتضمن العلوم والأدب والفنون والاقتصاد والصناعة من خلال كتاب المهارات والأنشطة.


وأما المحور الثاني يتعلق بعدم وجود مسارح في كثير من المدارس، وأنه من المفروض وجود أولية لإنشاء مسارح للطلاب في المراحل التعليمية المختلفة، واستشهد البعض بالاهتمام بهذا الشأن منذ سنين، ولكن هل ذلك بالفعل حقيقيا.


بالبحث في أرشيف المجلات المصرية الصادرة في النصف الأول من القرن العشرين، عُثر على خبر صحفي بتاريخ 21 فبراير عام 1938، بمجلة الرسالة الأدبية -مجلة ثقافية ترأس تحريرها الأديب المصري أحمد حسن الزيات (1885-1968)- والخبر تضمن تفاصيل الاهتمام بإنشاء مسارح تابعة للمدارس.


وورد في الخبر: "أصدر معالي بهي الدين بركات باشا وزير المعارف، قرارا بتأليف لجنة من الأساتذة محمد قاسم بك ناظر مدرسة دار العلوم ومحمد رفعت مراقب تعليم البنات المساعج، وتوفيق الحكيم مدير إدارة التحقيقات، عهد إليهم دراسة موضوع التمثيل في المدارس المصرية، دراسة مستوفاة".


وكان الغرض من هذا السعي الذي تقوم به الحكومة حينها هو بحسب ما ورد في الخبر: "إن ذلك أداة صالحة تستعين بها الوزارة في تثقيف طلاب المدارس وتهذيبهم، وتصفية ذوقهم وتنقيته ومساعدتهم على حسن الأداء وإجادة النطق والتعبير".


وذكر الخبر، أن اللجنة ستجتمع للمرة الأولى قبل انتهاء شهر فبراير، وستحاول اللجنة في دراستها استيفاء هذا الموضوع من أصوله، والتقدم إلى الوزارة بمشروع جديد كبير يرقى من شأن المسرح "على حد وصفهم"، ويحقق الأغراض التي تنشدها الوزارة في هذا الشأن.


ويتضح من هذا الخبر، أن وجود تمثيل داحل المدارس ليس أمرا مستحدثا سوف ينشأ؛ بسبب هذه اللجنة ولكن هذه اللجنة ستطور الأسلوب المتبع، حيث ورد: "ستقوم اللجنة بعلاج مشكلة رواية المسرح المدرسي، فستقضي على الفكرة القديمة الغالبة وهي اختيار روايات مثلت من قبل بعض دور المسر المصري وتصبح للمسرح المدرسي روايات تتفق والقاعدة السليمة التي ينشأ من أجلها هذا المسرح"، أي خلق نصوص مسرحية خصيصاً تناسب المسرح المدرسي.


ولم يكن هذا الاهتمام متعلق بالطلبة فقط بل بالمعلمين، حيث جاء في بعض الأخبار أن هذه اللجنة ستنشأ لجنة فرعية تتعلق بتدريس فن الإلقاء، وتدريسه للمعلمين وستعني بتهيئة الأساتذة الذي سيشرفون على التمثيل في مدارس الحكومة وغيرها من المدارس المعتمدة الخاضعة للتفتيش.


- المسرح المدرسي.. جزء من التعليم في عصور سابقة


لم يكن هذا الخبر الوحيد الذي يبرز الاهتمام بالمسرح المدرسي، ولكن بالبحث في بعض المراجع التاريخية، نجد في كتاب "تاريخ المسرح في العالم العربي في القرن العشرين"، فصلاً عن المسرح المدرسي.


وذكر في الكتاب، أن النشاط المسرحي للمدارس في مصر، بدأ في عام 1936 عندما اعترفت به وزارة المعارف فأنشأت له تفتيشا خاصا بقيادة زكي طليمات، الذي كان أول مفتش للتمثيل بوزارة المعارف العمومية.


وورد في الكتاب، أن مجلة "وادي النيل" تعتبر وثيقة مهمة لأنها تضم معلومات عن أول نشاط مسرحي مدرسي في مصر عام 1870، وهذه الوثيقة عبارة عن تغطية شاملة لأول مسرحية مدرسية تمثل من قبل طلاب مدرسة العمليات أي مدرسة الصنائع والفنون "مدرسة الهندسة"، مع ذكر أسماء الطلاب الذي يعتبر أول قائمة لممثلين مصريين هواة في تاريخ المسرح المصري، وتحديداً بتاريخ 18 نوفمبر 1870.


أما عن النشاط المدرسي المسرحي في القرن 19 فهناك أمثلة كثيرة وردت في هذا المرجع، ومنها على سبيل المثال: البرنامج المسرحي لمدرسة دير السانطة بالإسكندرية، عندما مثلت عدة مسرحيات في أغسطس عام 1879، وجعلت الحضور مجانًا وفي أبريل 1886 مثلت المدارس الخيرية الأدبية لطائفة الروم الكاثوليك، وعدة مسرحيات في بعض مدارسها، مثل مدرسة شبرا التي مثلت رواية "أنطيوخس الملك"، وفي أبريل عام 1886 مثلت المدرسة الكلية بمصر رواية "ثمرة الصبر" تأليف إسكندر مرجان بالأوبرا الخديوي.


ويعد عبد الله النديم، من رواد المسرح المدرسي في مصر، فقد بدأ نشاطه في هذا المجال في عام 1879 عندما كان مدير مدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية بالإسكندرية، فكون من الطلاب جماعات للخطابة والتمثيل، وكتب مسرحيتين مشهورتين، هما: "العرب" و"الوطن وطالع التوفيق".