"الاستخدام الآمن والفعال لمبيدت الآفات الزراعية"

بقلم..الأستاذ الدكتور محمد عبدالمجيد رئيس لجنة المبيدات بوزارة الزراعة


حتمية وضرورة مكافحة الآفات

 استكمالا لمقالنا السابق (المقال الأول) في هذه السلسلة الهامة من المقالات هذه السلسلة الهامة من المقالات حول الاستخدام الآمن والفعال لمبيدات الآفات الزراعية، حيث تعرضنا لتعريف الآفة وما يمكن أن تسببه من ضرر وتوصلنا في نهاية المقال إلى حتمية وضرورة مكافحتها إذا تسببت في ضرر محسوس في المحصول أو شكلت تهديدا مباشراً بالإصابة، ويطلق على المكافحة في هذه الحالة مكافحة وقائية، وسوف نتناول في هذا المقال بشيء من التفصيل أهم العوامل التي تؤدي إلى حتمية وضرورة مكافحة الآفات، وتأتي على النحو التالي:

النمو السكانى ومصادر الغذاء   Population and Food Resources 

يبلغ عدد سكان الكرة الأرضية الآن حوالى2‚6 مليار نسمة، ومن المتوقع أن يصل التعداد عام2100 إلى 5‚11 مليار نسمة. وسوف يستمر أعلى معدل للنمو السكاني في الدول النامية، وبحلول سنة 2100 من المتوقع أن يعيش 13% من سكان العالم في الدول المتقدمة، وحوالى 3‚6 مليار نسمة فى قارة آسيا وحدها وهو رقم يزيد عن عدد سكان العالم الآن.


ومن البديهي أن يؤدي ذلك إلى استمرار زيادة الطلب على الغذاء، بما يجعل العمل على زيادة المصادر وإنتاج الغذاء لتقابل الحاجة الماسـة إليها من خلال الزيادة فى مساحة الأراضي المنزرعة وزيادة معدل الإنتاج لوحدة المساحة. لذا فإنه من الضروري تعظيم وتفعيل دور هاتين الوسيلتين لمقابلة الإحتياجات اللازمة للغذاء.وقد أدى النجاح العلمي والتكنولوچى في غرب أوروبا وأمريكا الشمالية إلى إنخفاض الفائض نتيجة عدم الإهتمام بالتوسع فى مساحة الأراضي المنزرعة، ومن الأهمية بمكان زيادة الإمداد والإنتاج الغذائي في الدول النامية من خلال تعظيم الإنتاج لمقابلة الاحتياجات الغذائية المضطرده. وتوضح الإحصائيات أن الجيل الحالي سوف يستهلك طاقة أكبر من جميع الأجيال السابقة مجتمعة، حيث بلغ التعداد العالمي للبشر عام1991حوالى4‚5 مليار نسمة وهو يمثل 8‚7% من مجموع البشر الذين عاشوا على كوكب الأرض. مما يوضح الحاجة إلى توفر المصادر الغذائية إضافة إلى مخلفات الصناعة والزراعة والتلوث الأخطار الرئيسية القادمة فى المستقبل.

النمو السكاني والتغير الحضاري Population Growth and Culture Change 

هناك رأيان فى مسألة النمو السكانى. الرأى الأول يشير إلى الزيادة المستمرة في النمو السكاني والرأي الآخر يربط الزيادة في النمو السكاني بمدى إستثمار المصادر المتاحة لبنى البشر. حيث مرت الحضارة عبر التاريخ بمراحل الجمع Gatherting  ثم الصيد Hunting ثم الزراعة Agriculture  ومع تقدم العلم والتكنولوچيا ظهرت مرحلة الصناعة.

تمثل الخمس والعشرين عاماً الأخيرة القمة بالنسبة لتقدم العلم والتكنولوچيا وما صاحبها من زيادة الإنتاج الغذائى. شاع إستخدام التكنولوچيا التقليدية مثل تربية النبات لإنتاج أصناف جديدة وتطورت المواد الكيميائية الزراعية كما ظهرت العديد من التكنولوچيات الحديثة فى الدول المتقدمة مثل علوم البيوتكنولوچى والنانوتكنولوچى. وتعتبر منتجات وقاية النبات من أهم التكنولوچيات الحديثة والتي تقدم حلول حاسـمة فى مكافحة الحشائش والأمراض والحشرات مما يمهد الطريق لزيادة الإنتاج الزراعى.

الإمداد الغذائى والحاجة للطاقة  Food Supply and Energy Demands 

يعتمد إمداد الغذاء وتوفيره بشكل أساسى على مستوى توزيع دخل الفرد بين السكان. وهذا العامل غير متجانس غالباً فى الدول النامية. تسبب عمليات تناول غذاء غير كافى العديد من المشاكل الاجتماعية والطبيعية والذهنية للإنسان. وتشير هيئتي FAO، WHO إلى حاجة الفرد إلى حوالي3000،2200 سعر حراري (Calory) يومياً عند عمر 29-39 سنة للذكور والإناث على الترتيب ويظهر الفرق واضحاً بين الدول المتقدمة والنامية في هذا الخصوص. 

فى عام1850 بلغ مستوى التناول اليومى من الطاقة فى فرنسا وألمانيا2100 سعر حراري وقد تم تقدير هذا المستوى فى بعض الدول ذات الدخول المنخفضة عام 1980 والآن بلغ هذا الرقم فى فرنسا وألمانيا حوالى3000 سعر حراري. 

تظهر العلاقة بين إرتفاع معدل تعداد السكان وعدم توفر الغذاء بوضوح فى قارة أفريقيا ويؤدى إلى نقص واضح في المصادر وعدم كفاية وسائل الإنتاج إلى زيادة الفقر. وحينما يستهدف نقص الطاقة المنتج الغذائى ينعكس ذلك على المنتج الحيوانى، بما يزيد من تفاقم المشكلات المتعلقة بالأمن الغذائي.

وللحديث بقية، حيث نتعرض في المقال القادم إلى تقييم مصادر الغذاء وزيادة الإنتاج الغذائي وغيرها من النقاط الهامة ذات الصلة في هذا السياق.

اعداد المهندس سامي عبدالمنصف