بمشاركة نقاد وفنانين.. المهرجان القومي للمسرح يعقد ندوة عن إعداد الممثل أكاديميا

عقد مهرجان المسرح المصري، برئاسة الفنان محمد رياض، ندوة بعنوان "إعداد الممثل أكاديميا"، بحضور الناقد المسرحي عبدالغني داوود، ودكتور مدحت الكاشف العميد السابق للمعهد العالي للفنون المسرحية، والناقد أحمد خميس، ودكتور محمد عبدالمنعم أستاذ مساعد التمثيل بقسم المسرح بجامعة الإسكندرية، وأدارها دكتور محمد الشافعي.


وقال محمدالشافعي: "يقدم الناقد عبدالغني دراسة بعنوان مدارس الأداء التمثيلي في المسرح المصري، والتي ترصد مناهج عدد من الفنانين التي نسجت ملامح تاريخ المسرح المصري والبحث سيكون إضافة للمكتبة المسرحية".


وتحدث الناقد عبدالغني داوود، عن الدراسة قائلا: "ضمت الدراسة مناهج اتبعها عدد من الممثلين مثل منهج ستانسلافكسي، الذي يقوم على مناظرة الطبيعة في الأداء، وكذلك منهج بريخت، الذي يعتمد على طرق تحقيق الغريب، عن طريق إعطاء الشعور بالماضي، والنقل إلى شخص ثالث وكأن الممثل ينقل عن شخص غائب".


وتابع، "أما في المسرح المصري هناك مدرسة لها سحرها الخاص، وهي مدرسة الأداء الهزلي الذي يعتمد كثيرا على الارتجال وهذه المدرسة وريثة الكوميديا ديلارتي، ويأتي على رأس الارتجاليين الفنان علي الكسار وإسماعيل يس.


وأضاف: "فيما تطرق عدد كبير من الممثلين إلى ما يعرف بمدرسة الموهبة الفردية ويحسب لذلك المنهج الأول لمؤسس معهد الفنون المسرحية زكي طليمات، ومن الممثلين الذين اتبعوا هذا المنهج شكري سرحان، وبرلنتي عبدالحميد، وحسن يوسف، وسميحة أيوب، وعبدالله غيث، وكذلك حسين رياض، ومحمود المليجي، واستفان روستي".


وتحدث دكتور مدحت الكاشف، عن أهمية الدراسة والتعلم بالنسبة للممثل، حيث قال: "مهم فكرة ارتباط الممثل بمنهج علمي، ولكن تعليم الإبداع متغير وأساليبه متعددة وليس له قواعد ثابتة لكيفية تجهيز الممثل للاحتراف".


وتأسس المعهد العالي للفنون المسرحي عام 1943، وأول دفعة تخرجت منه كانت عام 1947، وكان يدرس زكي طليمات فيه باعتباره المؤسس، واستقطب آخرون للتدريس به مثل فتوح نشاطي، وأهم من درٌس فيه للدفعة الأولى كان عميد الأدب العربي طه حسين.


وواجه المعهد اعتراضات كبيرة من أباطرة المسرح في ذلك الوقت، منهم يوسف وهبي، على اعتبار أن التمثيل موهبة فقط ولا يحتاج للدراسة، ولكي يحافظ "طليمات" على تلك الأكاديمية، استعان ببعض خريجي الدفعة الأولى للمعهد من أجل التدريس في المعهد، وكان منهم حمدي غيث "الأول على الدفعة"، ونبيل الألفي، وعبدالرحيم الزرقاني، وزكريا سليمان، ودرس هذا الجيل ما تم تحصيله من ذكي طليمات وكان هذا لا يكفي.


وقال الكاشف: "أرى أننا نعيش حياة كاملة نمارس فيها المسرح، واعتقد أن التعلم يأتي من هنا بغض النظر عن المنهج، والمسرح مدرسة الممثل ومن لم يمثل في مسرح (فاته الكثير)، فهو الاختبار الحقيقي"، مؤكدا أن المسرح لا يجعل الممثل "أوفر" في انفعالاته.


وأكد أن المعهد يساعد على تنمية وتطور الموهبة، مشيرا إلى أن المعهد تخرج منه 5 آلاف طالب، منهم حوالي 2600 حتى الدفعة الماضية تمثيل فقط، وذلك على مدار 80 عاما، والباقي تخرجوا من الأقسام الأخرى، وذلك دليل على أن المعهد لا يقبل إلا الموهوبين.


وأوضح، أن فن التمثيل هو نشاط مهني يرتكز على الموهبة كأساس وعلى العلم كوسيلة؛ لتهذيب وتنظيم الموهبة، وتاريخ تطور أساليب وطرق التمثيل نخرج بها إلى أن كل المحطات المهمة في تاريخ الفن التمثيلي، كانت وليدة حالة معينة من المعرفة والمعملية، من خلال معمل تجريبي يسعى نحو الاكتشاف، ومن ثمّ الخروج بنتائج معينة في تطوير حرفيات التعبير عند الممثل.


وذكر دكتور محمد عبدالمنعم، أن حتمية التدريب بالنسبة للممثل، وتنمية قدراته ووصول موهبته من أجل إكسابه مهارات عدة ومتنوعة، تمكنه من أداء أي مهمة يكلف بها داخل أي عرض مسرحي.


وتابع، "مسألة التدريب من المتطلبات الضرورية الملحة التي لاقت اهتماما كبيرا في القرن العشرين، كما أصبحت من السمات المميزة للمسرح المعاصر، وهناك توجه نحو التركيز على ضبط أدوات الممثل والاهتمام بأساليب الأداء التمثيل وتقنياتها لإخضاع الممثل إلى المفاهيم العلمية، كما تختص ورش التمثيل بتأهيل كوادر بشرية في التمثيل المسرحي، عن طريق تطوير الإمكانات الأدائية عبر سلسلة من التدريبات النفسية والتمارين العضلية والجسدية".


كما قدم الناقد أحمد خميس دراسة، بعنوان "محاولة لفهم مناهج التمثيل بالجهات الحكومية وبمراكز التدريب"، وقال خلال كلمته في الندوة: "بالنسبة لبناء الممثل المسرحي أكاديميا، هناك نوعان من الممثلين، ممثل يؤدي من الداخل وآخر يؤدي من الخارج، فالأول هو من يعيش حياة الشخصية كاملة، ويصعب عليه الخروج منها وتؤثر على حياته، مثل سعاد حسني وأحمد ذكي، والآخر هو من يعيش الشخصية من الخارج دون أن تؤثر عليه في حياته مثل نور الشريف وفاتن حمامة".


وتابع خميس: "أرسطو هو من أرشف للمسرح اليوناني الذي أتى بعده بـ100 سنة، وما أحدثه مازال يعيش حتى الآن، وكل المنهجيات في تناول العرض المسرحي، ومنهج أرسطو هو محطة أساسية لها، ويمكن الاتفاق أو الاختلاف عليها، فهو أحدث فعالية جمالية، كما أن ما فعله ستنسلافيسكي محطة مهمة يقف عندها العالم كله في تدريب الممثل، وما زالت الأساسيات الخاصة به لتدريب الممثل تعيش حتى الآن.


واستطرد خميس، "أنا أريد فقط للطالب أن يكون لديه قانون مكتوب بالفعل يستطيع أن يرجع إليه ليطور نفسه، وأتمنى من أساتذة المعهد العالي للفنون المسرحية أن يضعوا منهجا للطالب الذي يريد تطوير نفسه أن يتعلم منه، بمعنى أن يكون محطة يمكن للمتدرب أن يقف عندها ويطور أدواته ومستقبل تكوينه لذاته لمواجهة السوق، وهذا يتوقف عليه كيفية تطور مهاراته وإمكانياته".


كما تحدث خلال دراسته، عن خالد جلال، وأهمية الممثل الشامل، وقال: "إن الأهمية القصوى لخالد جلال تكمن في حرصه الشديد على أن يكتمل تعليم الطالب في المركز بالمنطق، الذي يصنع منه فنانا شاملا، حيث يمكنه القيام بالعديد من الشخصيات الدرامية، كما يمكنه كتابة بعض الحوارات والأفكار التي تساعد في بناء النسيج النهائي للعرض المسرحي".