"رئيس الوزراء: تفعيل غرف العمليات بجميع المحافظات لمواجهة أي طوارئ خلال فترة العيد "
انطلاق المجموعة الاستشارية النووية الأمريكية- الكورية الجنوبية بنجاح

وسط كل الاضطرابات في شبه الجزيرة الكورية الأسبوع الماضي، وعبور جندي أمريكي إلى كوريا الشمالية، وإطلاق كوريا الشمالية صاروخين باليستيين قصيري المدى، كان أهم حدث من أجل السلام الدائم في شبه الجزيرة الكورية هو الانطلاق الناجح للمجموعة الاستشارية النووية الجديدة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
ويقول فيكتور تشا كبير نواب رئيس كرسي آسيا وكوريا بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي، إن هذه المجموعة التي تأسست خلال قمة بين الرئيس يون سيوك- يول ونظيره الأمريكي جو بايدن في واشنطن في أبريل الماضي تهدف إلى تعزيز التزامات الردع الممتد تجاه كوريا الجنوبية، وإشراكها في التخطيط الأمريكي لحالات الطوارئ في شبه الجزيرة الكورية والتي قد تتطلب استخدام الأسلحة النووية.
ويضيف تشا في تقرير نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أنه رغم استمرار حوارات الدفاع والردع الثنائية بين واشنطن وسول، تُمثل المجموعة الاستشارية النووية على أعلى مستوى بصورة واضحة حيث ترأس الجلسة الأولى للمجموعة كورت كامبيل نائب مساعد الرئيس الأمريكي ومنسق شئون منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ونظيره الكوري الجنوبي كيم تيه- هيو النائب الرئيسي لمستشار الأمن الوطني.
وتم تنسيق اجتماعات المجموعة الاستشارية النووية لتتزامن مع زيارة الغواصة النووية الأمريكية يو إس إس كينتاكي لكوريا الجنوبية، وهي الزيارة الأولى منذ عام 1981. وهي غواصة تحمل صواريخ باليستية نووية من المستحيل على كوريا الشمالية رصدها في المياه حول كوريا. وزار الرئيس يون الغواصة في ميناء بوسان. كما أن كامبيل أعلن عن وصولها في بداية الحديث عن انطلاق المجموعة الاستشارية النووية في سول وقال:" ونحن نتحدث الآن تزور غواصة نووية أمريكية ميناء بوسان اليوم. وهي أول زيارة لغواصة نووية أمريكية منذ عقود".
ويرى تشا أنه يتعين عدم التقليل من أهمية هذه الأحداث المسرحية السياسية. فالردع النووي الموثوق به، تجاه العدو ولصالح الدولة الحليفة، هو مزيج من عنصرين: الإمكانيات والطمأنة. ولا ينكر أحد أن لدى الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إمكانيات الدفاع ضد أى عدوان كوري شمالي وردعه. لكن الطمأنة أساسها المادي أقل. فهي تتطلب إشارات ورسائل من الحليف الراعي بأن الولايات المتحدة تركز من جانبها على تعزيز الردع النووي، وأنها تبني باستمرار الإمكانيات وتُجري المشاورات لذلك الغرض.
ويؤكد تشا أن تنسيق الأحداث الاسبوع الماضي خدم الغرض تماما- فقد بعث باشارات واضحة لكوريا الشمالية بأن الإمكانيات الاستراتيجية الأمريكية سوف تكون متواجدة بانتظام حول كوريا في المستقبل؛ كما بعث برسائل طمأنة لكوريا الجنوبية بأن الولايات المتحدة تسعى جاهدة لزيادة قوة التزامها النووي الصارم.
ويتضمن برنامج المجموعة الاستشارية النووية قائمة قوية من الأنشطة التي ستعزز كثيرا الثقة في الردع النووي في شبه الجزيرة الكورية. ويمكن القول إن هذه المجموعة تمثل تحالفا نادرا في آسيا، يختلف عن أي تحالفات أمريكية أخرى للتعامل مع التهديد المتزايد من جانب كوريا الشمالية.
وقد ركزت وسائل الإعلام اهتمامها الأسبوع الماضي على عبور الجندي الأمريكي إلى كوريا الشمالية. وهناك في الحقيقة نحو 20 أمريكيا محتجزون في كوريا الشمالية منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، ولكن احتجاز جندي أمريكي أمر نادر نسبيا، وكانت الحالة الأكثر شهرة وقعت عام 1968 عندما احتجزت كوريا الشمالية طاقم السفينة الامريكية يو إس إس بيبلو. وعموما، لا يتم حسم هذه الحوادث بسرعة. فسوف تقوم كوريا الشمالية باستجواب الجندي، والاستفادة دعائيا تماما من الحادث ، وربما تُجري محاكمة صورية وتُنفذ حكما ضد الجندي لاتهامه بالتجسس. ويمكن أن يستغرق هذا أسابيع أو شهورا.
ولضمان استعادة الجندي، ربما تضطر إدارة بايدن إلى إرسال مسئول أمريكي سابق أو حالي. وعلى سبيل المثال أرسلت إدارة أوباما الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون إلى كوريا الشمالية لاستعادة اثنين من الصحفيين المحتجزين هناك. كما قام الرئيس الأسبق كارتر بدور مماثل. لكن ما زال الوقت مبكرا للغاية للتفكير في احتمال أن تكون هناك حاجة لاتخاذ مثل هذه القرارات.
والجانب المشرق الوحيد وراء هذا الانشقاق الواضح للجندي هو أن الكوريين الشماليين قد يضطرون في نهاية المطاف للاتصال بالإدارة الأمريكية، وهو ما لم يكن لديهم أي استعداد للقيام به حتى الآن.
والمفارقة هي أن الولايات المتحدة كانت تصر من قبل على ضرورة أن يتركز الحوار فقط على إطلاق سراح الجندي المحتجز، أما الآن فإن إدارة بايدن التي تسعى لإعادة ترسيخ حوار بشأن الأسلحة النووية، قد تستغل الفرصة لإرسال مسئول رفيع المستوى للتحدث عما هو أكثر من إطلاق سراح الجندي.