"رئيس الوزراء: تفعيل غرف العمليات بجميع المحافظات لمواجهة أي طوارئ خلال فترة العيد "
انسحاب مصر من اتفاقية الحبوب يخفف الضغط على العملة المحلية وينوع مصادر الاستيراد

أرجع عدد من الخبراء قرار الحكومة المصرية بالانسحاب من الاتفاقية الأممية للحبوب بعدم قدرتها على السيطرة على الأسعار فى أوقات الحروب والأزمات كما أنها لم تُضِفْ جديدا لمصر فى ظل المتغيرات العالمية التى تتطلب وجود حرية أكثر فى عمليات البيع والشراء لتامين الدول مخزوناتها من السلع الاستراتيجية.
وأجمع الخبراء على أن إيجابيات الخروج من الاتفاقية كثيرة مقارنة بالسلبيات، خاصة أن القرار سيمكن مصر من شراء القمح من روسيا بالروبل، وهذا الأمر الذى سيخفف من حدة زيادة الطلب على الدولار، كما أنه يعزز قيمة الجنيه الذى يواجه ضغوطا كبيرة بسبب أزمة نقص العملة.
ووفقًا لنص المادة 29 من الاتفاقية الأممية لتجارة الحبوب، فإنه يجوز لأى عضو الانسحاب من الاتفاقية نهاية أى سنة مالية عن طريق تقديم إشعار كتابى بالانسحاب قبل ثلاثة شهور من نهاية السنة المالية.
مجدى الوليلى، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، قال إن انسحاب مصر من اتفاقية الحبوب الأممية قرار لن يضر بالاقتصاد المصرى بل العكس تماما، حيث استطاعت مصر من خلال علاقاتها الاستراتيجية والدبلوماسية مع معظم دول العالم أن تؤمن احتياجاتها من السلع الاستراتيجية وفى مقدمتها القمح خلال الفترة الماضية.
كما تمكنت مصر من استيراد القمح من بلدان جديدة مثل الهند ــ على سبيل المثال وليس الحصر ــ تبعا لتصريحات الوليلى.
وأضاف أن الاتفاقية ستخسر بالتأكيد عضوية مصر باعتبارها أكبر دولة فى العالم مستوردة للقمح، لكنها لم تتمكن من تنظيم الاتفاقات والأمور الدولية الخاصة بالأسعار وعمليات التبادل التجارى فى الحبوب بشكل عام والقمح على وجه التحديد.
وأشار إلى أن فشل الاتفاقية فى تقديم الدعم اللازم لمصر بعد اندلاع أزمة الحرب الروسية الأوكرانية من أهم أسباب اتخاذ الحكومة القرار خاصة بعد الارتفاع الجنونى فى أسعار الحبوب.
وتعد مصر سابع دولة تعلن انسحابها من الاتفاقية حيث شهدت الفترة الماضية خروج أكثر من 6 دول من مختلف أنحاء العالم من الاتفاقية الأممية التى أنشئت من الأساس للسيطرة على الأسعار وتأمين احتياجات الدول من الحبوب.
الدكتور إبراهيم درويش أستاذ المحاصيل ووكيل كلية الزراعة بجامعة المنوفية قال إن فشل المنظمة فى السيطرة على أسعار الحبوب وعدم استفادة مصر منها من أهم اسباب انسحاب الدولة المصرية.
وأضاف درويش أن انسحاب مصر من هذه الاتفاقية طبيعى ومتوقع لعدم وجود أى جدوى اقتصادية أو زراعية لتلك الاتفاقية التى فشلت فى تحقيق أى نتائج ملموسة على الأرض لضبط أسعار الحبوب عالميا.
وكانت العديد من الدول تقدمت خلال الفترة الماضية للمنظمة لإيجاد حلول جذرية للارتفاع غير المبرر للحبوب لكن التجربة أكدت عدم قدرة الاتفاقية على تحقيق أى نتائج ملموسة على الأرض لاسيما فيما يتعلق بتحقيق الأمن الغذائى للدول الفقيرة وتقديم يد المساعدة للدول النامية المستوردة لغذائها خاصة الدول الأفريقية.
وتابع وكيل كلية الزراعة بجامعة المنوفية أن انسحاب مصر طبيعى خاصة أن الاتفاقية لم تفِ أو تحقق أهدافها التى أنشئت من أجلها، مؤكدا أن إيجابيات الانسحاب أكبر بكثير من التواجد فى اتفاقية لا قيمة لها على الإطلاق.
واوضح درويش أن الدراسات التى قامت بها مصر قبل إعلان الانسحاب كشفت عن عدم وجود أهمية أو دور فاعل للاتفاقية فى أسواق تجارة الحبوب العالمية، حيث استغلت الدول الكبرى الأزمة فى حين دفعت الدول الفقيرة الثمن وهو ما يتناقض مع المبادئ التى أنشئت من أجلها فى الأصل تلك الاتفاقية.
ابراهيم عشماوى، مساعد أول وزير التموين، قال إن مصر كانت موقعة على اتفاقية دولية للحبوب مكونة من 34 مادة بمشاركة 35 دولة، مؤكدًا أن اتفاقية الحبوب تتعلق بتقديم المشورة والتحليلات فقط وأن مصر بعد تقييم موقفها من الاتفاقية لم تستفد منها.
وأضاف أن مصر ليست أول دولة تنسحب من الاتفاقية، حيث سبقها قرابة 6 دول منها دول فى أمريكا اللاتينية.
وأوضح أن اتفاقية الحبوب لم تستفد منها مصر فى الأزمات العالمية ومن ثم من حقها بعد قياس الأثر، أن تقرر مدى أهميتها والغرض من تواجد مصر بها.
ووفقا للقرار ستكون مصر خارج الاتفاقية اعتبارا من 30 يونيو المقبل فى ختام السنة المالية لتجارة الأغذية، وحينها ستخسر تلك الاتفاقية الكثير نظرا لأن مصر من أكبر مستوردين القمح فى العالم فهى تستورد حوالى 12 مليون طنا فى العام من إجمالى حجم تجارة القمح العالمية والتى تصل إلى نحو 200 مليون طن سنويا، وأيضا هى رابع مستورد لحبوب الذرة الشامية فى العالم حيث تستورد كميات كبيرة من الذرة الشامية تصل إلى 12 مليون طن فى العام من إجمالى 40 مليون طن حجم التجارة العالمية من الذرة.
من جانبها توقعت د. يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد بتجارة عين شمس أن تجنى مصر ثمار قرار الانسحاب قريبا، خاصة أن ذلك سيتيح لها الاستيراد بحرية من السوق الروسى بالروبل وهو ما سيحسن من أوضاع الاقتصاد قليلا لاسيما فى ظل ندرة العملة والطلب المتزايد على الدولار الذى يشهد ارتفاعا تاريخيا أمام الجنيه.
وأضافت الحماقى أن اتجاه مصر صوب القمح الروسى بالروبل سيعزز قيمة الجنيه وسيعمل على تخفيض سعر الدولار خاصة أن حصة مصر من القمح الروسى تُعَدُّ الأكبر بين دول العالم، حيث تعتمد مصر القمح الروسى بنسبة 69.4 فى المائة من إجمالى احتياجاتها السنوية، حسب الارقام المعلنة من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
وتوقعت الحماقى ان تشهد العلاقات المصرية الروسية تطورا كبيرا خلال الفترة المقبلة وزيادة ضخمة فى حجم التبادل التجارى بين البلدين الذى يصل لنحو 5 مليارات دولار حاليا.
الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، قال أن الدراسات التى قامت بها الحكومة سبب رئيسى فى اتخاذ قرار الانسحاب الذى جاء بعد يقين بعدم جدوى تواجد مصر فى تلك الاتفاقية التى ليس لها قدرة على الأرض فى ظل اشتداد الصراع بين الغرب وروسيا.
وأضاف السيد أن استيراد مصر للحبوب بحرية تامة ودون أى قيود أو شروط من أهم إيجابيات قرار الانسحاب الذى جاء فى وقت دقيق ومهم يشهد فيه العالم متغيرات كثيرة.
ولفت سيد إلى أن تحرر مصر من القواعد المنظمة لهذه الاتفاقية والاتجاه صوب السوق الهندى والروسى والتعامل بالروبل هو من أهم أسباب اتخاذ مصر لهذا القرار.
يأتى هذا فى الوقت الذى اعلنت فيه نائبة رئيس الوزراء الروسى، فيكتوريا أبرامشينكو، عن دراسة روسيا «تطبيق الإمدادات التجارية مع مصر بالروبل، ، مضيفة أنه «بعد نجاح تجربة توريد حبوب لتركيا فى ديسمبر (كانون الأول) الماضى، فإن (البنك المركزى الروسى) ما زال يدرس آلية تنفيذ هذا الاتجاه مع الدول التسع التى أدرج عملاتها، وبينها مصر».
كذلك قال مصطفى أبو زيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، ان الظروف المحيطة هى من دفعت مصر لاتخاذ هذا القرار الجرىء.
وأضاف أبوزيد أن تحرر مصر من تلك الاتفاقية سيفيد الاقتصاد وسيعمل على تطور كبير فى حجم العلاقات المصرية الروسية، المستفيد الأول من هذا القرار الصناعة والصادرات المصرية والموازنة العامة تبعا لكلام أبوزيد.
من جانبه قال الدكتور كريم العمدة أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة إن الارتفاع الجنونى لاسعار الحبوب واستغلال الدول الغنية الأزمة يتطلب ضرورة التوسع فى زيادة الرقعة الزراعية والعمل على التحرر أكثر من أى قيود تجبر مصر على قبول شروط معينة.
وأضاف العمدة أن تنوع البدائل والدول الموردة من أهم الخطط التى يجب على الحكومة اتباعها خلاال الفترة المقبلة التى ستشهد المزيد من الأزمات والضغوط على الدول الفقيرة والنامية بسبب احتدام الصراع بين الغرب وروسيا والصين.
عبدالغفار السلامونى، نائب رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، طالب الحكومة بسرعة الافراج عن السلع الموجود بالموانئ وعدم التاخر فى الافراج حتى تواجه الحكومة الطلب المتزايد على السلع بمناسبة اقتراب شهر رمضان خاصة أن الطلب على الدقيق يشهد ارتفاعًا ملحوظًا خلال الفترة الحالية.
وارتفع إجمالى واردات مصر من القمح بنسبة 12.6%، فى العام المالى الماضى 2021 ــ2022، لتصل قيمتها إلى 2.40 مليار دولار مقابل 2.13 مليار دولار، فى العام السابق له، وفقا لبيانات البنك المركزى المصرى.
ويبلغ حجم الاستهلاك السنوى من القمح 25 مليون طن، تنتج مصر نحو 12 مليون وتستورد الباقى من دول مناشئ مختلفة فى مقدمتها روسيا وأوكرانيا وفرنسا ورومانيا.
وكانت الاتفاقية تاسست عام 1995 بهدف توفير مجال آمن لتجارة الحبوب فى العالم، والاعتماد على الشفافية بين الدول المصدرة والمستوردة لضمان استقرار السوق لكن المتغيرات التى حدثت بعد الحرب الروسية الاوكرانية كشفت عدم وجود أى قيمة لتلك الاتفاقية فى ضبط الاسواق وتامين احتيجاجات الدول النامية.
واستندت مصر فى قرارها بالانسحاب إلى نص المادة 29 من الاتفاقية التى تقوم على 34 مادة رئيسية. وتنص على أنه «يجوز لأى عضو الانسحاب من هذه الاتفاقية فى نهاية أى سنة مالية عن طريق تقديم إشعار كتابى بالانسحاب إلى السكرتارية قبل 90 يومًا على الأقل من نهاية تلك السنة المالية».
وشددت على أنه «لا يجوز إعفاؤه من أى التزامات بموجب هذه الاتفاقية والتى لم يتم سدادها بحلول نهاية تلك السنة المالية.. على أن يقوم العضو بإبلاغ المجلس فى نفس الوقت بالإجراء الذى اتخذه».