خبراء: الممارسات الاحتكارية دفعت الدولة لاستيراد سلع حققت منها اكتفاء ذاتيا

اتجهت الحكومة مؤخرا إلى استيراد بعض السلع التى كانت تحقق منها اكتفاء ذاتيا، مثل الأرز والدواجن، وذلك لسد الفجوة بين العرض والطلب فى الأسواق المحلية، وتهدئة الأسعار قبل شهر رمضان، فيما أرجع بعض المحللين ذلك إلى بعض الممارسات الاحتكارية التى أدت إلى ارتفاع أسعار تلك السلع الاستراتيجية بشكل كبير.


وأعلنت الهيئة العامة للسلع التموينية بوزارة التموين والتجارة الداخلية، فى فبراير الماضى، عن الممارسة رقم 1 لسنة 2022/ 2023 لاستيراد أرز أبيض بنسبة كسر 10% إنتاج محصول 2022 /2023 معبأ بعبوات 50 كيلو لحساب الشركة القابضة للصناعات الغذائية تصل خلال الفترة من 20 مارس الحالى إلى 2 أبريل.


كما سمحت الحكومة فى الشهر الماضى باستيراد 50 ألف طن دواجن من البرازيل خلال شهرى مارس وأبريل 2023، ليتم طرحهم بالأسواق المحلية بسعر التكلفة، وفقا لتصريحات متلفزة لنادر سعد، المتحدث باسم مجلس الوزراء.


وقال وائل النحاس، الخبير الاقتصادى، إنه على الرغم من وجود أزمة دولارية فى مصر خلال الفترة الأخيرة، فإن الحكومة، وجدت نفسها مجبرة على استيراد سلع لدينا منها اكتفاء ذاتى، لإحداث توازن فى الأسعار بالسوق المحلية بعد الارتفاعات الأخيرة.


وحمّل النحاس التجار والمنتجين مسئولية استيراد تلك السلع، مشيرا إلى أن ما حدث عكس خطة الدولة الإصلاحية التى تهدف إلى تقليل الواردات وزيادة الصادرات، لتقليل عجز الميزان التجارى، إذ يرى أن استيراد تلك السلع قبل شهر رمضان ساهم فى إيقاف انفلات أسعارها الفترة الماضية، مضيفا أنها كانت خطوة موفقة من جانب الحكومة ولكن يجب أن تتضمن خطة واضحة لضبط السوق مرة أخرى دون اللجوء لاستيراد تلك السلع.


من جانبه، يرى مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة العربية أونلاين لتداول الأوراق المالية، أن اتجاه الحكومة لاستيراد تلك السلع سيزيد من عجز الميزان التجارى، ولكنه أشار إلى أن الحكومة ليس أمامها خيار آخر فى الوقت الحالى، قائلا: «يجب إيجاد حلول لضبط تلك السلع بالسوق المحلية، بدلا من إضافة سلعتين استراتيجيتين إلى قائمة الواردات»، مشيرا إلى أن القائمة قابلة للزيادة بسلع أخرى مثل البيض.


وأشار إلى أن جزءا كبيرا من حل تلك المشكلة يكمن فى زيادة الرقابة على الأسواق لمنع الممارسات الاحتكارية، بالإضافة إلى توفير مستلزمات الإنتاج بشكل طبيعى.


وقال هشام الدجوى، رئيس شعبة المواد الغذائية بغرفة الجيزة التجارية، إن كبار تجار الأرز حجبوا السلعة عن الأسواق المحلية، ما أدى إلى نقص شديد فى المعروض وارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية، مضيفا أن الحكومة لم يكن أمامها حل سوى زيادة المعروض كى تنخفض الأسعار مرة أخرى، فلجأت إلى استيراد 50 ألف طن أرز هندى، وقامت بتحرير سعر الأرز المحلى، وفقا للعرض والطلب.


وأوضح أنه عندما كان سعر بيع الأرز محدد عند 12 جنيها للكيلو السائب و18 جنيها للكيلو المعبأ، كانت الشركات ترى أن السعر غير عادل فعزفوا عن طرح تلك السلعة الاستراتيجية بالأسواق، ولكن بعد تحرير سعر الأرز عادت الشركات مرة أخرى للأسواق بطرح كميات مقبولة ولكن بأسعار مرتفعة.


وأشار الدجوى إلى أن التجار نجحوا فى افتعال أزمة نقص المعروض من الأرز للموسم الثانى على التوالى، رغم أن إنتاج مصر من الأرز يتخطى الـ4 ملايين طن، وهو ما يزيد بقليل عن الاستهلاك المحلى.


ولفت إلى أن كبار التجار يقومون بشراء شعير الأرز من الفلاح بأسعار بخث، ثم يقومون بتخزينه، لتعطيش السوق المحلية، ومن ثم طرح كميات قليلة على فترات زمنية بعيدة.


وبالنسبة للدواجن، قال عبدالعزيز السيد رئيس شعبة الثروة الداجنة بغرفة القاهرة التجارية، إن الحكومة اتجهت إلى استيراد الدواجن لتقليل الفجوة بين العرض والطلب، بعدما تجاوز سعر الكيلو 90 جنيها فى الفترة الأخيرة.


وأوضح أن نقص المعروض من الدواجن فى السوق المحلية بسبب تخارج أكثر من 50% من المربين عن المنظومة، لعدم قدرتهم على توفير الأعلاف لمزارعهم، الأمر الذى أفسح المجال لكبار المنتجين لرفع الأسعار بشكل يفوق التكلفة بحوالى 30%، بالإضافة إلى زيادة السعر مرة أخرى فى حلقات التداول وصولا للمستهلك.


ويرى السيد أنه لا يوجد حل حاليا سوى استيراد الدواجن لتهدئة الأسعار خلال الأيام الجارية قبل شهر رمضان، موضحا أن مصر تستورد مكونات أعلاف وليس أعلافا، وهو ما يعنى أن صناعة تلك المكونات ستستغرق بعض الوقت وبالتالى لن تنخفض الأسعار بشكل سريع قبل رمضان، ولكنه أشار إلى أن استمرار استيراد تلك الدواجن سيدمر تلك الصناعة الوطنية التى يعمل بها أكثر من 3 ملايين عامل، مشددا على ضرورة البدء فى توفير الدولار لاستيراد مكونات الأعلاف لعودة الصناعة مرة أخرى.