نشطاء البيئة يحاولون لفت الأنظار لقضايا تغير المناخ بالتعدي على الأعمال الفنية

ظهرت خلال الأيام الماضية صورا مختلفة لأفراد يحاولون تشويه لوحات فنية تاريخية من خلال اقتحام متاحف وإلقاء أطعمة على اللوحات باهظة الثمن؛ من أجل الإعلان عن دعمهم لحركة المناخ العالمية، وصرخ أحد المعتدين "نحن في كارثة بيئية".


ألقى شابان البطاطس المهروسة على لوحة الفنان العالمي كلود مونيه، المعلقة في متحف ألماني، وكانت هذه أحدث الوقائع على قيام النشطاء بتشويه الأعمال الفنية الشهيرة؛ من أجل لفت الانتباه إلى التهديد الوجودي الذي يمثله تغير المناخ.


وأعلن متحف باربيريني في بوتسدام، الأحد الماضي، أن اللوحة نفسها Grainstacks التي يعود تاريخها إلى عام 1890 وتقدر قيمتها بـ110 ملايين دولار كانت محمية بزجاج محكم الإغلاق، ولم تتضرر على الرغم من تعرض الإطار الذهبي الذي يعود للقرن التاسع عشر للتلف.


وقال أحد أعضاء مجموعة المناخ الألمانية تعليقاً على الحادث: "نحن في كارثة مناخية، وكل ما تخشاه هو حساء الطماطم أو البطاطس المهروسة على لوحة، أنا خائف لأن العلم يشير إلى أننا لن نكون قادرين على إطعام عائلاتنا في عام 2050، وهذه اللوحة لن تكون ذات قيمة إذا كان علينا القتال على الطعام"، بحسب موقع "إن بي آر" الأمريكي.


ووقع حادث قذف البطاطا المهروسة على إحدى اللوحات بعد أسبوع تقريبًا من قيام ناشطين من مجموعة البيئة البريطانية Just Stop Oil بمهمة مماثلة في المعرض الوطني بلندن، حيث ألقوا علب الطماطم فوق إحدى أشهر لوحات فنسنت فان جوخ؛ للاحتجاج على استخراج الوقود الأحفوري.


وهذه ليست الحوادث الوحيدة من هذا النوع سواء هذا العام أو في الماضي، في مايو 2022 ألقى رجل متنكر في زي "امرأة عجوز على كرسي متحرك" قطعة من الكعك على لوحة الموناليزا، وهو يصرخ: "للتفكير في الأرض"، أثناء اصطحابه خارج متحف اللوفر في باريس، أما في يوليو قام متظاهرون إيطاليون من أجل المناخ بلصق أيديهم على الزجاج الذي يغطي بريمافيرا لساندرو بوتيتشيلي في معرض أوفيزي في فلورنسا.


لم تتضرر أي من اللوحات نفسها بشكل خطير، لأن -بحسب هؤلاء- هم لا يهدفون إلى تدمير الفن، ولكن التعبير من خلال المظاهرات الرمزية وتكثيف الضغط العام على الحكومات لوقف ترخيص وإنتاج الوقود الأحفوري الجديد المدمر.


وقالت فيبي بلامر، إحدى نشطاء Just Stop Oil الذين ألقوا الطماطم، في مقابلة متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، إن المجموعة لم تكن لتفكر في اتخاذ مثل هذا الإجراء إذا لم يعرفوا حقيقة أن اللوحة محمية بالزجاج، وأضافت: "الهدف ليس دفع الناس لمثل هذه الأفعال، ولكن لإثارة أسئلة أكثر إلحاحًا حول الوقود وسياسة المناخ والتكاليف الإنسانية الحقيقية والمخاطر، إننا نستخدم هذه الإجراءات لجذب انتباه وسائل الإعلام لأننا بحاجة إلى جعل الناس يتحدثون عن هذا الأمر الآن، ونحن نعلم أن المقاومة المدنية تؤتي نتائجها، لقد أظهر لنا التاريخ ذلك".


ونشطاء المناخ ليسوا أول من استهدف الأعمال الفنية الشهيرة كمواقع للاحتجاج العام، تعد لوحة The Rokeby Venus، إحدى أشهر الأعمال والوحيدة الموجودة للرسام الإسباني دييغو فيلاسكيز، وتُظهر الصورة إلهة الحب الرومانية ملقاة على جانبها عارية وظهرها إلى المشاهد وتحدق في مرآة مرفوعة من قبل كيوبيد، وفي مارس 1914، دخلت ماري ريتشاردسون إلى المتحف الوطني في لندن وقامت بقطع اللوحة عدة مرات باستخدام ساطور.


وفعلت "ريتشاردسون" ذلك كعمل احتجاجي متعمد على اعتقال زعيمة حق الاقتراع البريطانية إيميلين بانكهورست، وقالت في وقت لاحق إنها اختارت هذا العمل بالذات بسبب قيمته، وأضافت: "حاولت تدمير صورة أجمل امرأة في التاريخ الأسطوري احتجاجا على الحكومة لتدميرها السيدة بانكهورست، وهي أجمل شخصية في التاريخ الحديث".


في فبراير 1974، بعد عام من وفاة بيكاسو، قام الفنان الإيراني توني شفرازي بواسطة علبة من رذاذ الطلاء الأحمر بكتابة عبارة "Kill Lies All" بأحرف ضخمة على لوحة Guernica المعلقة في متحف نيويورك للفن الحديث، وهي واحدة من أشهر الأعمال الفنية المناهضة للحرب.


كان شافرازي عضو تحالف عمال الفن يرد بهذا الفعل على عفو الرئيس ريتشارد نيكسون عن ويليام كالي، الذي كان الضابط الوحيد في الجيش الأمريكي الذي قُدم للمحاكمة بتهمة مذبحة ماي لاي عام 1968 -وهي مجزرة وقعت خلال حرب فيتنام على أيادي جنود أمريكيين- وقال أيضًا إنه كان يحاول إعادة تنشيط اللوحة ليس كونها عمل فني فقط ولكن كصيحة احتجاج على الحرب ومقتل المدنيين.