مصر تقود سفينة النور إلى أوروبا.. والقيادة السياسية تكسب رهان الثقة في منظومة البترول بقيادة «الملا»

لم يكن في مقدورنا، حتى الحلم، بأن تكون مصر، يوما ما، من بين إحدى الدول التي تراهن عليها أوروبا ويشار إليها لتغطية العجز المتفاقم من جراء نقص حاد في الغاز على أثر الحرب الروسية ـ الأوكرانية التي غيرت المعادلة، لكنه الواقع الذي نعيشه تلك الأيام.


واقع جاء بعد معاناة طويلة، ورؤية إستراتيجية براقة، من قبل قيادة سياسية تؤمن بأننا نستطيع، بقدراتنا وشبابنا ومسئولينا الذين وضع فيهم الرئيس عبدالفتاح السيسي الثقة لكي يحملوا بعضًا من المعاناة، لكنهم تحملوها وكان رهان صادقًا وناجحًا. 


واحد من أولئك الذين حازوا ثقة القيادة السياسية وكانت الثقة في محلها هو المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، الذي استطاع أن يقلب المعادلة في مجال الطاقة والغاز في مصر، فمن القاع إلى القمة، ومن الاستيراد إلى التصدير، ومن العجز إلى الاكتفاء الذاتي، وتصبح وزارة البترول والثروة المعدنية قاطرة التنمية الحقيقية من بين نظيراتها من الوزارات المعنية بالملف الاقتصادي.


فالرجل آمن بقدراته وقدرة رجاله الذي قادوا السفينة وأقسموا ألا يخذلوه، إلى الوصول بها إلى بر الأمان، بل وتتحول مصر إلى أن تكون محورًا إقليميًا للطاقة، بل وعلى أثر تلك النجاحات، نجحت مصر مؤخرا ممثلة في وزارة البترول والثروة المعدنية، في تعظيم إيرادتها من صادرات الغاز الطبيعي وخاصة في ظل الاضطرابات الأخيرة التي أدت إلي تعاظم أسعار الغاز الطبيعي المسال عالميا خصوصًا لدول وأوربا.


تفسير ذلك، يقدمه المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق والخبير البترولي، في تحليل فني، يرى خلاله أن مصر استطاعت تعظيم الإيرادات لانتهاجها أسلوب البيع بالأسعار الفورية ـ الأسعار الفعلية المتداولة وقت الشحن.


بالرغم من دوران رحى الحرب الروسية الأوكرانية، التي غيرت الأجواء وأدخلت معظم دول العالم في نفق مظلم، واكبها، في الوقت ذاته، سلسلة من العقوبات الاقتصادية علي روسيا من جانب الاتحاد الأوروبي وأمريكا، شملت كافة المناحي المؤثرة علي الاقتصاد الروسي، إلا أن مصر، جراء ذلك، أضحت واحدة من الرهانات القوية لدول أوروبا من أجل حل إشكالية الغاز التي واجهتها جراء تلك الحرب.


نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، قال إن روسيا واجهت تلك العقوبات بإجراءات مضادة جاءت معظمها في مجال الطاقة ذات التأثير الاقتصادي علي أغلبية دول أوربا المعتمدة علي الغاز الطبيعي الروسي وأهمهم المانيا وايطاليا والنمسا وهولندا وفرنسا وغيرهم؛ حيث يتشعب الغاز الروسي داخل أراضي الاتحاد الأوروبي عبر شبكة من خطوط الأنابيب لمناطق الاستهلاك مباشرة.


وأضاف الخبير البترولي، أن الطامة الكبري جاءت علي الاتحاد الأوروبي بعد تسديدها للعقوبات علي روسيا في اجتماع برلين في الثاني من هذا الشهر بوضع سقف سعري لصادرات روسيا من النفط والغاز الطبيعي لأحكام أسعار محددة لا تحقق لروسيا نهضة اقتصادية مأمولة فما كان من روسيا إلا أن قامت بإيقاف نهائي لتدفيعات الغاز عبر خط نورد ستريم1 الأكبر في الكميات المنقولة بعد إيقاف خط يامول- أوروبا السابق إيقافه. 


ولجأت معظم دول أوربا عبر المفوضية الأوروبية إلى العديد من دول العالم المنتجين للغاز الطبيعي المسال لإمكان زيادة معدل توريد الغاز المسال لأوربا ..وبالفعل تم عقد جلسة مباحثات مع المسئولين المصريين لتوجيه كامل صادرات مصر لأوروبا بعد أن تذهب أغلبها لدول آسيا.


كما عملت الحكومة المصرية إلى اتخاذ إجراءات الترشيد واتبعت وزارة البترول أسلوب استبدال الغاز الطبيعي بالمازوت الأقل قيمة في محطات توليد الكهرباء الحرارية بهدف تعظيم الصادرات المصرية من الغاز الطبيعي المسال وهذا هو الحادث حاليا.


وأكد المهندس مدحت يوسف أن مع دخول فصل الخريف والشتاء سنشهد صادرات مكثفة للغاز المصري نتيجة انخفاض استهلاك الكهرباء بوجه عام .


ونجح قطاع البترول في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعى في نهاية سبتمبر 2018 بعد زيادة الإنتاج من حقول الغاز المكتشفة بما أدى الى تحول مصر من دولة مستوردة للغاز الطبيعى المسال عام 2015 الى دولة تمتلك فائضا من إنتاج الغاز وقادرة على الوفاء بالتزاماتها التصديرية السابقة.