أيام قليلة تفصلنا عن عيد الأضحى المبارك، حيث تمتلئ الشوارع بمشاهد النحر والأضحية، لكن فى ظل الأزمة الاقتصادية التى يعانى منها العالم، ارتفعت أسعار الأضاحى بنحو 20 و25 جنيها فى الكيلو القائم بالأسواق المحلية، خلال العام الحالى مقارنة بـ 2021، فيما برر بعض التجار لـ«الشروق»، زيادة أسعار اللحوم فى مصر نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف، موضحين أن مصر تستورد أكثر من 90% من خامات الأعلاف المستخدمة فى التسمين.

ويبقى السؤال هنا، هل سيحرص الأشخاص على شراء الأضحية كما تعودوا كل عام، بالرغم من ارتفاع الأسعار؟

قال محمد وهبة، رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية، إن الإقبال محدود على شراء الأضاحى هذا العام، مشيرا إلى أن ارتفاع الأسعار أثر سلبا على القدرة الشرائية للمستهلك.

وأضاف وهبة، أن الزبائن الذين اعتادوا شراء الأضاحى هم أنفسهم الذين اشتروا هذا العام ولكن بكميات أقل، موضحا أن من اشترى أضحية العام الماضى، جاء ليشترى نصف أضحية فقط هذا العام.

وأشار إلى أن المُضحين الذين يريدون شركاء يتقاسمون معهم الأضحية زادوا هذا العام بنسبة كبيرة، مضيفا أنه من الصعب تحديد نسبة تراجع الشراء فى الوقت الحالى، حيث يوجد متسع من الوقت حتى عيد الأضحى، مشيرا إلى أن هناك أشخاصا يشترون أضحيتهم يوم وقفة عرفات.

ووفق وهبة، سجل سعر كيلو الأضحية البقرى 77 جنيها للكيلو (القائم)، ويسجل الكيلو من الأضحية الضانى 90 جنيها للكيلو، و70 جنيها لكيلو الأضحية الجاموسى، مضيفا أن هذه الأسعار مرتفعة بنحو 20 جنيها فى كل نوع عن العام الماضى، فيما توقع زيادة الإقبال على شراء الأضاحى خلال الأيام المقبلة، قائلا إن الأسعار كل عام تعتبر مرتفعة عن العام الذى سبقه، ولكن المصريين يحرصون على استكمال عاداتهم وشعائرهم الدينية.

من جانبه قال محمد ريحان، عضو شعبة القصابين بغرفة القاهرة، إن الإقبال على شراء الأضاحى أقل من العام الماضى بنسبة قد تتجاوز الـ 50%، مضيفا أن المستهلك أصبح يعانى من ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات، لذلك قد يستغنى عن أضحيته هذا العام، لكن «هناك مواطنين يحرصون كل الحرص على شراء الأضحية بالرغم من ارتفاع الأسعار لذلك يتجه للبحث عن شريك آخر أو أكثر يتقاسمون فيما بينهم ثمن الأضحية»، والتى يجوز فيها الشراكة حتى سبعة أفراد بالنسبة للجاموس والبقر والجمال.

وحسب ريحان، فإن متوسط سعر الأضحية البقرى وزن 400 كيلو يتجاوز الـ 30 ألف جنيه، مضيفا أن المستهلكين القادرين على شراء مثل هذه الأضحية بمفردهم تراجعوا بنسبة كبيرة، كما أن الوصول للحد الأقصى فى تقاسم الأضحية وهو 7 أشخاص ارتفع مقارنة بالعام الماضى.

ومن خلال جولة ميدانية ، قال عمر طه الصباغ، أحد القصابين بمنطقة شبرا الخيمة، إن جميع المواطنين الذين اعتادوا على شراء الأضاحى منه، اشتروا هذا العام أيضا بالرغم من ارتفاع الأسعار ولكن بكميات أقل.

وأضاف الصباغ، أن القدرة الشرائية للمستهلك تراجعت بنسبة 50% تقريبا، موضحا أن المواطن الذى كان يشترى أضحية بقرى 350 أو 400 كيلو أصبح يريد شراء أضحية ضانى 90 كيلو على سبيل المثال.

وأشار إلى أن أغلبية المضحين اتجهوا هذا العام إلى الشراكة حتى إذا لم يكن هناك صلة قرابة بينهم، فيأتى المستهلك يختار نصف أو ربع أضحية، وينتظر أن تباع باقى الأضحية ويقتسموها عند الذبح بعد صلاة العيد.

وأثناء الحديث مع الصباغ، دخل أحد زبائنه، يدعى حسن صلاح، صاحب مخبز لإنتاج رغيف الخبز المدعم، يريد شراء أضحية بقرى، حيث أجاب عن سؤال لماذا تحرص على شراء أضحية العيد بالرغم من ارتفاع الأسعار بنسبة كبيرة؟ قائلا: إنه لا بد أن يعطى العمال فى مخبزه لحوم العيد كل عام، مضيفا أن هناك أشخاصا اعتادوا على حصتهم من الأضحية كل عام و«يجب ألا أخيب ظنهم».

وأوضح حسن، أن ارتفاع الأسعار أثر سلبا على الكمية المعتاد على شرائها، مشيرا إلى أن هذه الأضحية التى يريدها سيتقاسمها مع عمه، بعد أن كان كل منهما يشترى أضحيته الخاصة.

ووفق الصباغ سجل سعر الأضحية البقرى فى منطقته 75 جنيها للكيلو، والجاموسى 65 جنيها، وتراوح سعر الأضحية الضانى بين 90 و95 جنيها للكيلو.

فى نفس السياق، قال خالد محمد، تاجر يربى الأضاحى كل عام بكميات محدودة بمحافظة القاهرة، إنه باع لنفس عدد الزبائن الذين اعتادوا على الشراء منه سنويا، ولكن بكميات أضاحى أقل بكثير، مضيفا أن كل «زبون» معتاد على شراء أضحيته من تاجر معين كل عام، ولكن هذا العام قد يغير المستهلك التاجر الخاص به للتقاسم مع صديقه فى أضحية عند تاجر آخر أقنعه به صديقه.

وأضاف أن الأسعار ارتفعت بما يقارب الـ 25 جنيها فى الكيلو الواحد بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف وزيادة تكلفة الإنتاج بنسبة اقتربت إلى 50% تقريبا.

وقال أحد الزبائن ويدعى صالح عبداللطيف، شاب ثلاثينى، يعمل مديرا للحسابات فى إحدى محطات الوقود، إنه كان يريد شراء أضحيته الأولى فى حياته بعيدا عن أضحية أبيه، ولكنه لا يستطيع بسبب ارتفاع الأسعار، مضيفا أن أباه أيضا سيكون من الصعب عليه أن يتحمل تكلفة الأضحية وحده هذا العام.

وذكر عبداللطيف، أنه بالرغم من ارتفاع الأسعار إلا أنه من المستحيل أن يمر العام دون شراء الأضحية، موضحا أنهم اعتادوا على فعل هذا الأمر، كما يصيبهم حالة كبيرة من التشاؤم والإحباط وعدم الرضا عن الذات إذا فاتتهم الأضحية.

من جانبه قال عاصم عمر، مدير أسواق السلع الزراعية بإحدى شركات استيراد المحاصيل الزراعية، إن أسعار السلع الغذائية المستخدمة فى الأعلاف ارتفعت عالميا خلال هذه الفترة مقارنة بشهر يونيو 2021، مشيرا إلى ارتفاع سعر الذرة بنسبة 13% ليسجل 759.3 سنت للبوشل الواحد خلال تعاملات الشهر الحالى، مقارنة بـ 672.4 سنت، موضحا أن البوشل يزن نحو 27 كيلو جراما.

وأضاف عمر، أن أسعار فول الصويا وهو أحد أهم مكونات الأعلاف ارتفعت بنسبة 16% خلال الربع الثانى من العام الحالى مقارنة بنفس الفترة من عام 2021، لتسجل 1697 سنت للبوشل الواحد.

وأوضح أن ارتفاع أسعار السلع الزراعية عالميا أثر سلبا على السوق المحلية، حيث ارتفع سعر الذرة البرازيلى أو الأرجنتينى بنسبة 50% ليسجل سعر الطن 7850 جنيها خلال الشهر الحالى، مقارنة بـ 5250 جنيها فى نفس الشهر من عام 2021.

وحسب عمر، ارتفع سعر كسب الصويا 44% بروتين (المصنع محليا) إلى 10850 جنيها للطن خلال شهر يوينو الحالى، مقابل 7300 جنيه بنسبة ارتفاع 49%، وصعدت أسعار «الردة» خلال الشهر الحالى مسجلة 6050 جنيها للطن مقابل 4525 جنيها بنسبة من العام المنقضى.

ووفق عمر، ارتفعت أسعار الأعلاف بشكلها النهائى، حيث زاد سعر طن علف التمسين 11% بروتين مسجلا 7700 جنيه خلال تعاملات الشهر الجارى مقابل 5150 جنيها من نفس الشهر العام الماضى، بنسبة ارتفاع بلغت 50%، كما ارتفع سعر علف تسمين 22% إلى 9000 جنيه للطن مقابل 6550 جنيها بنسبة 37%.

ويرى عمر، أن ارتفاع أسعار السلع الزراعية والأعلاف بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.